االموقف الثاني
مع عمه أبى طالب
جاءت سادات قريش إلى أبى طالب فقالوا له : يا أبا طالب إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا , وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه , وإنا والله لا نصبر على هذا , من شتم آبائنا , وتسفيه أحلامنا , وعيب آلهتنا , حتى تكفه عنا , أو ننازله وإياك فى ذلك , حتى يهلك أحد الفريقين .
عظم على أبى طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد , فبعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له : يا ابن أخى إن قومك قد جاءونى , فقالوا لى كذا وكذا , فأبق على وعلى نفسك , ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق , فظن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عمه خاذله , وأنه ضعف عن نصرته فقال : "يا عم ! والله لو وضعوا الشمس عن يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر _ حتى يظهره الله أو أترك فيه _ ما تركته " , ثم استعبر وبكى , وقام , فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال له : اذهب يا ابن أخى فقل ما أحببت , فو الله لا أسلمك لشئ أبداً . وأنشد :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد فى التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر وقر بذلك منك عيونا