الموقف الأول
السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ،
تكفل الله برعاية نبيه سيد بشره وعباده. فكانت عين الله ترعاه وصنعه
على عينه. فلم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يخطو خطوة أو يعمل عملاً
إلا وكان الله مطلعاً عليه ، كما هو الحال مع باقي البشر مع فارق الحرص
على هذا النبي فهو ليس كسائر البشر فهو خليل الله وحبيبه ، وكان في كل
موضع يتعرض فيه النبي عليه الصلاة والسلام لإساءة من البشر إنسهم أو
شياطينهم يكون ذلك بإرادة الله عز وجل واطلاعه. وهذه تربية لنبيه
ولأتباعه ، ليزيد الذين آمنوا إيمانا.
ونحن هنا في طور سرد قصة حدثت له عليه الصلاة والسلام عندما كان
مستضعفاً في الأرض ولم يكن له من يحميه من البشر سوى رب البشر فنعم
الناصر ونعم الوكيل.
يأتي أبا جهل متبختراً متفاخراً متعالياً ، يقول للناس : والله لئن رأيت
محمداً يصلي لأطأن على رقبته. وفي قول آخر يقول: يعفِّر محمد وجهه بين
أظهركم؟ فقيل: نعم ، فقال: واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته.
فبينما هو يسوع بين ضواحي مكة يزبد كالبعير الهائج صدره يملؤه الحقد
والكراهية ومثاله قول تعالى فيه :
(وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) البروج 8
فإذا به يصادف رسول الله صلى الله وعليه وسلم ساجداً لله تعالى يصلي ، فكَرَّ
على رسول الله يريد أن يطأ رقبته وإذا به قبل أن يَصِل إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلاّ وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ويصاب برعب ووجل
كبيرين وكأنه يرى مارداً أو شيطاناً يريد أن يأخذه فتعجب الناس من
حاله فسألوه :ما بك؟
فقال: والله إنني لرأيت بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة. وفرائصه
ترعد كالعصفور وقد انكمش انكماش الفأر عندما يرى السبع.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً
عضواً. لقد كان باستطاعت ملكاً واحداً القيام بالعمل ولكن الله سبحانه
وتعالى أراد أن يري محمداً تأييده له فنصره بجنود لم تروها ولم ينصره
بجندي واحد. وهو يجليها سبحانه وتعالى متى ما شاء ليقطع كيد الكافرين.
فأنزل الله سبحانه وتعالى بهذه الحادثة :
(أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى؟) العلق 9 ، 10
كان بإمكان الرسول عليه الصلاة والسلام الدفاع عن نفسه فكان بقوة
ثلاثين ناقة بكر. وكانت له قوة عظيمة تفوق قوة الرجال مجتمعين. ولكن لم
ينتصر لنفسه قط إلا في حادثة واحدة فقط عندما تحداه أحد المشركين وقال
إني قاتلك : فقال عليه الصلاة والسلام: بل أنا قاتلك. فقتله عليه
الصلاة والسلام في أحد المعارك. وكانت الحادثة الوحيدة التي يقتل فيها
عليه الصلاة والسلام رجلاً.
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحب وحب نبيّك وحب من يحب نبيّك. اللهم اجعلنا
سلماً لأوليائك حرباً على أعدائك.