الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
الشباب في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها ، وهم الأساس الذي تُبنى عليه الحضارات، وهم المستقبل الواعد والأمل القادم. ولذلك فقد اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة؛ فحرص على إبعادهم عن كل رذيلة، وحثّهم على التمسك بكل فضيلة، وذلك حين أوصاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:
"يا معشرَ الشبابِ من استطاع منكم البَاءَة فليتزوج؛ فإنه أغَضُّ للبصرِ وأحَصَنُ للفَرْجِ، ومن لم يستطعْ فعليهِ بالصوم فإنه له وِجَاء" رواه البخاري. كما حثّهم على ملء أوقاتهم بكل مفيد لهم ولأمتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس: عن عمرهِ فيما أفناه، وعن شبابهِ فيما أبْلاه، وعن ماله من أين اكتسبهُ وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علِم" رواه الترمذي.
ووجههم إلى طاعة الله وعبادته، فقال صلى الله عليه وسلم: "سبعةٌ يُظِلُهُمُ الله في ظِلِهِ يومَ لا ظلَ إلا ظله:... وشابٌ نشأ في طاعةِ الله..." رواه البخاري.
لقد نظر الإسلام إلى الشباب نظرة خاصة ، فحبب إليه العفة ،و في قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في الزنا خير دليل على ذلك ، فما نهره ولا زجره ولا ضربه ، بأبي هو وأمي ، وإنما ناقشه وحاوره حوارا عقليا هادئا وهادفا ، انتهى بالشباب إلى الاقتناع بأن الزنا فاحشة لا يرضاها أحد من الناس لأمه ، ولا لأخته ، ولا لبنته ، ولا لعمته ، ولا لخالته ، و هو في كل ذلك يسأل ، والشاب هو الذي يجيب مقررا هذه الحقائق ولمَّا تيقن باقتناعه دعا الله تعالى له ، فبغض الله إليه هذه الفاحشة النكراء،وقد عمل أعداء الأمة جهدهم للسيطرة على الشباب عن طريق تغريبهم عن دينهم أولا حتى تسهل السيطرة عليهم ، ولما أعياهم ذلك بحثوا عن وسائل تعينهم على تحقيق غايتهم ، فاهتدوا إلى نشر وسائل اللهو والفساد عن طريق الفن الهابط الذي يدغدغ مشاعر الشباب ويثير غرائزهم من جهة ، والى نشر المخدرات بأنواعها المختلفة بين شباب الأمة من جهة أخرى.
ولا يخفي على عاقل أضرار هذه الآفة المدمرة ( المخدرات ) ويكفي أن نعلم أنها تذهب العقل ، و هو أغلى ما يملكه الإنسان ، ومناط شريفه ومحل تكليفه ، والذي يسقط التكليف عن المسلم بزواله ، فكيف يفرط عاقل في عقله ، الذي يميزه عن العجماوات .
من معالم المنهج الإسلامى فى العناية بالشباب :
1-استغلال أوقات الفراغ :الشباب والفراغ وكثرة المال ، من عوامل الفساد للمرء، إذا لم يتم توجيهها الوجهة الصحيحة ، في ضوء الشرع الإسلامي الحنيف ، وصدق الشاعرإذ يقول :
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
ومن هنا وجب أن نشغل أوقات شبابنا بكل نافع ومفيد ، لأن النفس إن لم نشغلها بالطاعة شغلتنا بالمعصية ، وأن نوجههم إلى حسن استثمار أوقاتهم وأموالهم بما يعود بالنفع على أنفسهم وأوطانهم وأمتهم ، فالوقت هو الحياة .وفى الحديث " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شباب فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به " .
2- تفعيل دور الأسرة التربوى: فالأسرة هى المحضن الأول للطفل ، والعامل الرئيس في تنشئته ، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول :"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " ويقول الشاعر العربي : وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبــوه
3- دور المؤسسات التعليمية والإعلام : ثم يأتي دور المدرسة التي يقضي فيها الفتى والفتاة شطرا كبيرا من الوقت ، وتقوم بعب ء التربية والتعليم ، فليكن معلمونا ومعلماتنا قدوة صالحة لأبنائهم وبناتهم فالأطفال والمراهقون يحاكون أساتذتهم ويتعلقون بهم ، فأين معلمونا من ذلك ؟ويأتي مع المدرسة دور المسجد الذي يجذب الشباب ويحسن توجيههم إلى صحيح الدين ، دون تفريط أو إفراط ، وكذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، وما أكثرها في عصرنا ، وما أخطر الدور الذى تقوم به ، وقد وعى أعداؤنا أهمية الإعلام في سلوك الأطفال والمراهقين والشباب ، فسيطروا عليهم من خلاله ،بوسائل وأساليب علمية مدروسة ، وعلى أولياء الأمور في بلادنا الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم ، فيجذبوا الأطفال والشباب من الجنسين إلى وسائل إعلام هادفة تجمع بين الترفيه البريء من جهة ، والمتعة والإفادة من جهة أخرى ، بعيدا عن إثارة الغرائز ، وعلى وسائل الإعلام أن تقدم القدوة الطيبة لأبنائنا بنشر سير الصالحين بصورة جذابة تحببهم إلى شبابنا وتحبب إليهم الاقتداء بهم ، بدلا من التركيز على نجوم الطرب والتمثيل والكرة ، وعلى وسائل الإعلام أن تركز على عرض أضرار المخدرات ، وآثارها المدمرة على الشباب ، وذلك حتى يبصر الشباب بألاعيب مروجي المخدرات وتجار السموم البيضاء ، وحيلهم في الإيقاع بالشباب والشابات في حبائلهم بالإغراء المادي للعاطلين تارة ، وبدعوى الترفيه عن النفس ونسيان الهموم للفارغين والمهمومين تارة أخرى، بالإضافة إلى دعاوي أخرى وحيل كثيرة يتقنها مروجو المخدرات وتجار السموم -هداهم الله - للإيقاع بشبابنا.
ومما يجدر ذكره هنا أن هناك منظمات عالمية لتهريب المخدرات وترويجها ، يقوم بها أعداء الإسلام لإغراق شباب الأمة فى متاهات المخدرات والأوهام ، وكذا التحذير من كل الموبقات .
4- إقامة مسابقات هادفة : كما يجب توجيه الشباب إلى استثمار أوقاتهم في التزود من العلوم والمعارف ، بإقامة المسابقات ، ورصد الجوائز القيمة لهذا الغرض مثل التفوق العلمي ، وجوائز حفظ القرآن الكريم .
5- الحرص على إيجاد القدوة الحسنة في المدرسة والبيت والنادي والشارع وفي أسلوب التعامل ، وعدم وجود المظاهر المنافية للإسلام ، والتي قد تحدث لديهم شيئا من الشك والريبة أو التردد في القبول ، أو اعتزال المجتمع ، والشكوك فيه ، بدعوى أنه مجتمع غير مطبق للإسلام يقول أبناؤه خلاف ما يعملون . وبهذا كله يحصل الانفصال ، وتحدث التصرفات المتسرعة غير المنضبطة ، والتي تكون نتائجها غير سليمة على الفرد والمجتمع ، وعلى العمل الإسلامي . ولا تعود بالفائدة المرجوة على الشباب أنفسهم . والاهتمام بمناهجهم التعليمية ، وإبعاد المؤثرات الضارة بأخلاقهم ، والعمل على ربطهم بدينهم وبكتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، وأن يعنى العلماء ورجال الفكر الإسلامي باحتضانهم وتقبل آرائهم واستفساراتهم ، وإرشادهم إلى طريق الحق والصواب ، بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن لاستعدادهم لتقبل التوجيه ، من منطلق الرأي الصائب ، الذي يحدده الإسلام ، ويجب على الآباء مراعاة الفوارق السنية فى التعامل مع أبنائهم ، مع إيجاد الحب والدفء العائلى الذى يحس معه الشاب بالأسرة المتحابة فى ظل الإسلام الحنيف، ولابد للشاب المبتلى أن يتذكر أى جناية يجنيها على أسرته وأمته عندما تزل قدمه فى اقتراف المعاصى وإشاعة الفساد فى المجتمع 0
نماذج عملية للاستشهاد بها لكى يقتدى بها شبابنا: الفتية أهل الكهف ، وكذلك معاذ ومعوذ بنى عفراء وقتلهم لأبى جهل فى بدر وحياة كثير من الصحابة مثل خباب وعمار وبلال ، وكيف كان شبابهم دافعا لهم إلى معالى الأمور0