رقم المشاركة : ( 1 ) غير متواجد حالياً
عبق الشام
مسافر قديم
هل لحب رسول الله اثر في نفس المحب ؟
--------------------------------------------------------------------------------
بحبِّهم للهِ ولرسولهِ.
الشّابُّ وكيفَ أُحِبُّ اللهََ ورسولَهُ؟
ـ: أمّا حبُّ اللهِ فبالتفكرِ بنعَمِهِ التي أسبغها عليكَ ظاهِراً وباطِناً، وأمّا محبَّةُ رسولِ الله: فبالتَّعرُّفِ إلى سيرةِ ذلكَ النَّبيِّ، الَّذيْ لم تعرفِ الرّاحةُ إلى نفسِهِ سبيلاً، حتى أدَّى الرِّسالةَ التي ابتعثَهُ اللهُ بها للنّاسِ كافةً، ففي مكةَ أتاهُ عقبةُ بنُ أبي مُعَيْط بسلا جزورٍ، وألقاهُ على رأسِهِ وهوَ ساجدٌ لرَبِ العزَّةِ. نبيُّكّ يأيُّها الشّابُ: قد شُجَّ رأسُهُ وكُسِرَتْ رباعيتُه في غزوةِ أحدٍ، وهو يدعو إلى عبادةِ إلهٍ واحدٍ ونبذِ ما دُونِهِ مِنَ الأصنامِ . نبيُّكَ أيُّها الشّابُ: حينما ذهبَ إلى الطّائفِ ليدعوا ثقيفاً، أغروا بِهِ سُفَهاءَهُمْ وصبيانَهُم يسّبونَهُ ويرْمُونَهُ بالحجارةِ حتى أدموا قدميهِ الشَّريفتينِ، فأرسلَ اللهُ لهُ مَلَكَ الجبالِ يسـتأذِنهُ في أنْ يُطْبِقَ عليهمُ الأخشبينِ، فقالَ له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((بلْ أرجوا أنْ يَخرُجَ مِنْ أصلابِهِمْ، منْ يَعْبُدُ اللهَ وحدَهُ ولا يشركُ بِهِ شيئاً)) .
فاستجابَ اللهُ دعوةَ نبيهِ وكنتُ أنا وأنتَ أيُّها الشابُّ وأمثالُنا ثمرةً مِنْ ثِمارِ دعوَتِهِ .
نبيُّكَ أيُّها الشّابُ: لم يعوِزْكَ اللهُ لأحدٍ مِنْ خلقهِ كما أعوزَكَ إليهِ صلى الله عليه وسلم، إذ إنَّ حياتَهُ خيرٌ لكَ ومماتَهُ خيرٌ لكَ وبعثَتَهُ أيضاً هيَ خيرٌ لكَ.
أمّا إنَّ حياتَهُ خيرٌ لكَ فلأنَّه أحدثَ لكَ مِنْ أحكامِ الشَّرعِ ما فيهِ سعادةُ الدّارينِ، ولولاهُ لكنتَ مِنْ أهلِ الجاهليةِ الأولىِ التي تكلمَ عنها جعفرُ رضيَ اللهُ عنهُ أمامَ النَّجاشيِ في الحبشةِ فقالَ: ((أيَّها الملكُ: كنّا قوماً أهلَ جاهليةٍ نعبدُ الأصنامَ، ونأكلُ الميتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطعُ الأرحامَ، ونسيءُ الجوارَ، ويأكلُ القويُّ منّا الضعيفَ فكنّا كذلكَ، حتى بعثَ اللهُ إلينا رسولاً منّا نعرفِ نسَبَهُ وصدقَهُ وأمانتَهُ وعفافَهُ، فدعانا إلى اللهِ لنوحدَهُ، ونخلعَ ماكنّا نعبدُ نحنُ و آباؤنا مِنْ دونهِ مِنَ الحجارةِ والأوثانِ، وأمرنا بصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصلةِ الرَّحمِ، ونهانا عنِ الفواحشِ))، فإنَّ اللهَ قدْ أخرَجكَ بهِ مِنْ وحلِ الظُّلماتِ إلى ذُرى الإيمانِ.
وأمّا أنَّ مماتَهُ خيرٌ لكَ فقد جاءَ في الحديثِ: ((حياتي خيرٌ لكمْ تُحْدِثُونَ ويُحْدَثُ لكمْ، ووفاتي خيرٌ لكُم تُعرضُ عليَّ أعمالكُم، فما رأيتُ منْ خيرٍ حمدتُ اللهَ عليهِ، وما رأيتُ مِنْ شرٍ استغفرتُ لكُم)) .
ولكنْ شتانَ أيُّها الشّابُ بينَ منْ يجعلُ لسانَ رسولِ اللهِ ينطلقُ بالحمدِ والثَّناءِ للهِ سروراً بصنيعِ رجلٍ مِنْ رجالِ أمَّتِهِ، وبينَ مَنْ يجعلُ لسانَ رسولِ اللهِ يستغفرُ اللهَ حزناً مِنْ ذنبٍ قد ارتكَبَهُ أحدُ أبناءِ أمَّتِهِ. وأمّا خيريَّةُ بعثتِهِ يومَ القيامةِ: فيكفيكَ أنَّكَ مِنْ أوَّلِ الأممِ حساباً, ومِنْ أوَّلهِمْ دخولاً للجنَّةِ ومِنْ أولئكَ الذينَ تنالهُم بركةُ شفاعتهِ، ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاءَ في الحديثِ عنْ أنسٍ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ: يجمعُ اللهُ النّاسَ يومَ القيامةِ، فيهتمونَ لذلكَ فيقولونَ: لو استشفعنا على ربِنا حتى يريحنا مِنْ مكاننا هذا، قالَ: فيأتونَ الانبياءَ جميعاً مِنْ لدنْ آدمَ عليه السلامِ حتى يَصِلوا إلى عيسى عليه السلام، ـ والقصَّةُ معروفَةٌ ـ فيقولُ لهُمْ: لستُ هُناكُم، ولكنْ ائتوا محمَّداً عبداً قدْ غُفِرَ لهُ ما تقدمَ مِنْ ذنبِهِ وما تأخَرَ، قالَ: قالَ رسولُ الله: فيأتوني فأستأذِنُ ربيْ فيؤذَنُ لي، فإذا أنا رأيتُهُ وقعتُ ساجداً، فيدعني ما شاءَ اللهُ فيقالُ: يا محمَّدُ ارفعْ رأسكَ، قلْ تُسْمَعْ، سلْ تُعْطَ، اشفعْ تُشَفَّعْ، فأرفعُ رأسي فأحمدُ ربي بتحميدٍ يعلمنيهِ ثُمَّ أشفعُ، فيُحَدّ لي حداً فأخرِجُهُم مِنَ النّارِ وأدخلهُمْ الجنَّةَ. فلا أدري في الثّالثةِ أو في الرّابعةِ، فأقولُ: يا ربُ: ما بقيَّ في النّارِ إلا مَنْ حبَسَهُ القُرآن))، أي: ـ وجبَ عليهِ الخلودُ .
الشّابُ: هلْ لِحُبِّ رسولِ اللهِ أثرٌ في نفسِ المحبِّ، يحدو بهِ إلى أداءِ الطاعةِ ويزجُرُهُ عنِ القيامِ بالمعصيةِ؟