إليها..فهي الوحيدة بينهم من لبست ثوب البياض فتشبه الصفاء بها..!
للبعد..للخوف..لشهقة ممزوجة بالحسرة والألم تصعدت أحزانها لتوجع كبد السماء..! آهات رغم صراخها صامته ..قُتِلت وبكت أرواح ساكنيها في جنازة سار المشيعون فيها وهم يتلفتون من خوف التربص بهم ورؤوسهم مثقلة بالخجل..! لم يرحموها..! دفنوها عجالاً واستبدلوا التراب رماداً وغادروا بلا رجعة..تركوا بقايا لهيب يحرق أوصالها لتكابد العناء..وحدها.. التفوا حولها كأشواك تخدش وجهها الوضاء حتى سال دم.. أشواك تصب العلقم المر فوق الوجع ثم تميل على ضريحها تلتف حوله.. وكأن الذي كان القاتل قبل لحظات صار مشيعاً باكيا..! كيف كانوا أمة تحنوا عليها ثم فجأة..غيروا كف الحنان لـ"شوك"..؟!
كانت هنا..! ذاقت مرارة كأسهم ثم انزوت في ظلمة الليل ترفع كفها تطلب أن يسير لها من ينصفها.. انحنت بالعجز تبحث عن عصا تسند عليها ما تبقى من عزيمة.. هم هكذا..حجراً صماً بكماً..الضعف أوهنهم جوعاً وفقراً للقيام.. عشقوا المبيت والنوم على وسائد الذل المسطر في صحائفهم! مقطوعة أوصالهم.. مربوطة أفعالهم.. لا يملكون رداً ولا يحركون ساكنا.. يتعبدون..حول صنم تاريخ لهم كان يوماً مشعلاً هم أحالوه رفاتاً ..هم حاربوه..! يمجدون..يسبحون.."صلاح..صلاح..صلاح " أذكار خيبتهم ..وليس فيهم من صلاح..
أصوات غضب زمجرت..هزت بغضبتها السكون..أصوات قهر تتحد..أصوات نور..شيء يبدد رجسهم..دك أصنام اللئام.. الأرض ترجف تحتهم شقوا بطنها و اقتلعوا الجذور الحاقدة.. خرجوا من تحت المقابر سيوفاً صارمة.. ! هتفوا بأعلى صوتهم..زلزال عز عارم.."كفى"! مزقوا صمت القبور..!
اسير الدموع نائب مدير منتديات الشهيد احمد عبدالله الخطيب