ثمرات العبادات
- - - - - - - -
( وأقم الصلاة لذكري ) ..( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر … ) ..
الأصل في العبادات أنها محطات شحنٍ للقلب ، وتجديد للطاقة ، وصقل للروح ،
وتزكية للنفس ، وبعث للهمة ، لأنها حضور للقلب بين يدي الرب سبحانه ،
بكامل الأدب والخضوع والخشوع ، والافتقار والانكسار ..
ثم تكون بسبب ذلك ، أن تصبح عامل دفعٍ لهذا الإنسان ، إلى ميادين الحياة
بروح متألقة ، ونفس راضية ، وقلب منشرح ، وعقل منور ،
فإذا هو يتعامل مع الحياة والأحياء بحس دقيق ، وذوق راقٍ ، وأدب عالٍ ،
ونظرة كأنما يشرف بها على الدنيا من السماء ..!
..
بل إن من ثمرات الإقبال على العبادات أن تمنح صاحبها مناعة وحصانة
ضد الانجراف مع تيارات الشر التي تمور بها الحياة من حوله ..!
حين يقبل الإنسان على العبادة ، وفي ذهنه وبؤرة شعوره ، كل هذه المعاني ،
فإنه لابد أن يتذوق حلاوة خاصة ، تجعله دوماً في مقدمة المتنافسين
في دوائر الطاعات ، طلبا للمزيد ثم المزيد ..!
..
وأيضاً : حين يقبل الإنسان على العبادة ،
عليه أن يتذكر أمراً لا ينبغي الغفلة عنه ، هذا الأمر هو :
أنه مع كل عبادة ينهض إليها ، إنما هو يجدد عهده مع الله سبحانه ،
أن يبقى متألقاً متميزاً في دنيا الناس ..!
هذا العهد الذي يجدده على نفسه في كل مرة ، يتضمن اعترافاً بربوبيته
له وللعالمين ، وافتقار الكل بين يديه ، وعجز الكل أمامه ، وغناه عن كل شيء
..
وفي المقابل يتضمن ذلك العهد : الاعتراف بعبوديته هو لمولاه ،
وأنه وما يملك لسيده ، وقته وماله وجهده ، وأنه لا يملك من ذلك شيئا ألبته ..
هذا العهد الذي يتجدد كل يوم ، إذا استحضر العبد معه قلبه وروحه ،
كان ذلك ترويضاً لنفسه الأمارة بالسوء شيئا فشيئا ، حتى تستوي على عودها ،
ويستقيم له أمرها ، وترتقي لتصبح نفساً راضية مطمئنة ..!
ومن ثم ..
فالأصل في العبادات أنها مدرسة يتخرج منها أناسٌ تقرب صفاتهم من صفات ملائكة السماء ..!
لأنهم يستشعرون أنهم ضيوف على هذه الدنيا ، وعن قريب سيرتحلون إلى منازلهم الأولى ..
فما الحب إلا للحبيب الأولِ ..!
ومع هذا ..
نعم قد يقع الواحد منهم في زلة وعثرة ، ومعصية وذنب ، بين الحين والحين ..
ذلك لأنه لا زال بشراً سوياً ، ولم ينفك _ولن ينفك_ عن قبضة الطين الأصيلة فيه
..
ولكن عثرة هؤلاء قليلة وقصيرة ، ويترتب عليها أنه يفزع فزعاً شديداً ،
فيكثر من الاستغفار وتجديد التوبة ، والإقبال على أعمال كثيرة لتعويض ما فاته .
ويحرص على أن لا يقع ، فإن وقع عاد إلى التشمير من جديد ، لا ييأس أبداً ..!
وخلاصة الخلاصة التي نريد أن نصل إليها :
إن الإقبال على العبادات بالصورة الصحيحة ، تفرز لنا شخصيات متميزة متألقة ،
لأن أصحابها هم الأصحاء فعلا في دنيا تموج بالمرضى
الذين يحسبون أنه لا أصحاء سواهم ، ولا كُمّلَ غيرهم …!!